لم يعد هناك خصومة مع أحد، تصالحت مع الجميع حتى الذين آذوها، لقد صفحت عنهم مقابل السعادة الغامرة التي رُزقت بها مؤخرًا، و لكن طبعًا مسألة غفرانها لا تعني لزوجها شيء، إذ أن ما يقرره هو ما يحدث دائمًا سواء شاءت أم أبت، لطالما عرفت تلك الحقيقة، و أمنت بأنها لن تفلح بتغييرها، و قد كفّت بالفعل عن المحاولة، إنها تترك له زمام نفسها، و تثق به ثقة عمياء، ألم يُثبت لها ولائه حقًا وأنه جديرٌ بقلبها ؟
تراقصت ابتسامة “إيمان” تلقائيًا عندما كسر صفير الإعجاب المنبعث من زوجها صمت الغرفة المطبق.. إستدارت نحوه من حيث تقف أمام المرآة تتمم زينتها إستعدادًا للظهور بحفل الزفاف المرتقب لصديق زوجها المقرّب.. “عثمان البحيري” و إن كان خبرًا أثار دهشتها.. فهو متزوج بالفعل و لديه ولدان
ماذا قد يدفعه لتجديد العرس !؟
اكتفى “مراد” بإخبارها أن صديقه لم يقيم زفافًا لائقًا لزوجته عندما عقد عليها، ذلك لأن والده توفى بالفترة التي تعرّف فيها
“عثمان” على زوجته “سمر” و أحبّها، لم تكن الفرصة سانحة له بإقامة أيّ مظهر من مظاهر الفرح فتزوجا بتجمعٍ عائلي بسيط دون أيّ صخب، و لم يذكر “مراد” لها نهائيًا و لو لمحة عن زواجهما العرفي و الفضيحة التي تلته …
-بفكر حقيقي أجي أشيل الإشارب عن راسك و أبوظ الروج الأحمر إللي على شفايفك ده و نفكس للفرح !
إزدادت إبتسامة “إيمان” إتساعًا و هي تستمع إلى غزل زوجها الصريح، بينما تعلّقت نظراتها بجسده الذي يستره سوى
منشفه صغيرة أحاطت بوركيه العضليين، رغمًا عنها تداعت ابتسامتها بضعفٍ استطاع استشفافه و هو يراها تركز عينيها على صدره البرونزي و المكسو بالشعيرات القاتمة التي علقت بها قطرات المياه على إثر استحمامه …
ابتسم “مراد” بدوره و هو يستطرد بمكرٍ بينما يجفف شعره المبلل بمنشفة أخرى في يده :
-لو مش واثق إن عثمان هايقتلني إذا ماحضرتش كنت لاغيت كل حاجة و قضينا ليلتنا الأخيرة هنا لوحدنا. بعيد عن الكل !