أحسّت “راجية” بارتعاش الصغيرة أشد بين يديها، فزجرت رفيقتها بتحذيرٍ من نطق كلمات كهذه أمامها، ثم أخذت تهدئها :
-ماتخافيش يا لمى. مش هايحصل حاجة. أنا مش فهتمك ؟
أومأت الصغيرة و لا تزال مختبئة بأحضان جدتها :
-أيوة. و أنا سمعت كلامك و جبت هدوم من عند مامي. بس أنا مش عايزة مامي تموت يا تيتة !!!!
و بدأت تبكي بحرقةٍ، مسّدت “راجية” على ظهرها و فركت رأسها بلطفٍ و هي تقول كاذبة :
-قلت لك ماتخافيش. مش هاتموت. هي بس هاتتعب شوية لحد ما جوزها يزهق منها. أول ما يطلقها هاترجع كويسة تاني. انتي مش عايزة أمك ترجع ليكي لوحدك ؟
أومأت “لمى” أن نعم، فاستطردت “راجية” مبتسمة بتشفٍ :
-خلاص. يبقى تسمعي كلامي. أنا جدتك أم أبوكي. أبوكي إللي لو كان عايش مكانتش أمك قدرت تعمل فيكي كده. أبوكي
الحقيقي مش الراجل إللي راحت جابته ليكي أمك. أبوكي هو إللي بيحبك. هو بس إللي تقوليله بابا.. مش حد تاني يا لمى سمعاني ؟
-سامعة ! .. قالتها الصغيرة تحت تأثير الضغط النفسي الرهيب الذي تتعرّض له
تنهدت “راجية” و هي تدفعها من حضنها آمرة بغلظةٍ :
-مش هاتحسي بحاجة. مجرد شكّة بس. يلا !
أذعنت “لمى” لأمر جدتها في الأخير، إذ لا قِبل لها بصد الأوامر و خاصةً منها هي، مشيت بخطواتٍ مترددة ناحية السيدة المخيفة، ما إن صارت في متناولها حتى قبضت على كف المسكينة، إنكمشت “لمى” مشيحة بوجهها بعيدًا، و لم تشعر إلا بوخزةٍ قاسية على إصبعها السبابة إنتزعت منها صيحة ألم أشبه بعواء ظبيٍ جريح …
أمسكت السيدة بيد الصغيرة و قطّرت الدماء المنهمرة من إصبعها داخل الصحن في قطرتين كبيرتين، ثم تركتها لما بلغت مرادها
ركضت “لمى” عائدة إلى أحضان جدتها و لم ينقطع بكاؤها، بينما تواسيها “راجية” و هي تنظر إلى النتيجة النهائية التي صنعتها المشعوذة.. في هذه القنينة الصغيرة