استقبل “مراد” إبنة زوجته أمام البناية …
نزلت برفقة البواب الذي حمل عنها حقيبة ملابسها الصغيرة، ما إن رآها “مراد” حتى فتح لها ذراعيه، فاضطرت _ تحت وطأة الخجل و الخوف من توبيخ أمها إن اشتكى منها _ أن تقبل عليه و تجعله يحتضنها و يحملها، بل أنه أمطرها وابلٌ من القبلات الرقيقة و هو يقول :
-لولي القمر. وحشتيني يا حبيبتي وحشتيني أوووي !
و فتح للبواب صندوق السيارة ليضع حقيبة الفتاة، ثم سحب محفظته و أكرمه ببخشيشٍ سخي، أشرق وجه الرجل الأشيب و شكره بحرارةٍ، ليومئ “مراد” بتواضعٍ و يأخذ الصغيرة ليجلسها بالمقعد الأمامي إلى جانبه
تفاجأت عندما أدار المحرّك بكيسًا يدفعه إليها، مليئ بمختلف أنواع الحلوى الفاخرة، نظرت إليه من مستواها، فابتسم بمرحٍ :
-أيوة الكيس ده كله ليكي. طبعًا خبيته من مامتك عشان هي أعيل منك في الحاجات دي و بتحبها. لو كانت شافته كانت هاتخلصه كله و أنا جايبه ليكي إنتي يا حبيبتي
عبست “لمى” و هي تسأله بحدة طفولية :
-هي فين مامي ؟
-إيمان في البيت الجديد إللي نقلنا فيه يا لولي. وصلتها و جيت عشان أخدك و نرجع لها سوا
صمتت للحظات.. ثم قالت و قد فشلت بإخفاء غضبها كليًا :
-و هي ليه ماجتش عند تيتة أمينة ؟ ده بيتنا أصلًا !!
تلاشت ابتسامة “مراد” و هو يقول ناقلًا ناظريه بينها و بين الطريق :
-ماينفعش ترجع عند تيتة يا لمى. الوضع اتغيّر!
يا للحماقة …
كيف ستفهم الفتاة ما يقوله !؟
بالفعل برزت غمازة خدّها و هي تعوج فمها مشيحة بوجهها عنه للجهة الأخرى، صطف “مراد” السيارة على جانب من الطريق،
ثم استدار نحوها قائلًا بلطفٍ :
-أنا و مامتك متجوزين دلوقتي يا لمى. و هي مش هاينفع ترجع بيت تيتة أمينة تاني. لازم تعيش معايا في بيتي. و انتي كمان مكانك جمبنا يا حبيبتي !
استغرقت لحظاتٍ من الصمت، ثم أدارت وجهها إليه من جديد، و قالت و شرارات الغضب تتقافز من عينيها الجميلتان :
-بس أنا مش عايزة أعيش في بيتك.. أنا مش بحبك !!