عبس قائلًا : و ليه ماتجيش معايا نجيبها سوا !؟
كفكفت دموعها من جديد و هي ترد بقوة الآن :
-لأ.. البيت ده مش هادخله. على الأقل دلوقتي !
*****
يقف “أدهم” خارج الغرفة، يراقب زوجته التي تنال العناية الكافية من أمه، لا تزال في محاولاتها معها لتجعلها تأكل، و لكن الأخيرة تأبى بشدة …
لا يدري ماذا يصنع معها !
لقد ضعفت كثيرًا، و حالتها النفسية أكثر سوءًا، بعد أن كان ماضيًا في معاقبتها، صار واقفًا على بابها ينتظر أن تعفو و تفصح عنه، فقط لا يريد أن يمسّها مكروه، لا يتحمّل رؤيتها هكذا.. حتى هذه اللحظة لم ينسى ما جرى لها بسببه منذ أكثر من أسبوع …
_____
وقعت أمام عينيه و قد لطّخت الدماء الجزء السفلي من قميصها و الأرض تحت قدميها، و هو كالصنم، الصدمة شلّته للحظات، و لم يبث فيه الحركة مجددًا سوى صراخ أمه
هرع إلى زوجته و حملها على ذراعيه، بينما ولجت أمه بسرعة داخل شقتها، أحضرت عباءة و ألبستها إيّاها بسرعة ؛
لينطلق “أدهم” بها إلى المشفى، لم ينتظر أمه و لم ينصت إليها بطلب الإسعاف، سيكون هو أسرع من الإسعاف، أخذها إلى
مشفى خصوصي قريب، دخلت على الفور حجرة الكشف و رافقها بصفته طبيب بدوره، و من ثم علم بأنها تُجهض !!!!
لقد كانت حُبلى !!!
هو الذي تسبب في ذلك.. هو الذي تسبب في موت طفله… ضغط عليها و قسى بشدة
هو الملام.. هو لا غيره …
كانت تبكي بحرقة و هي تُساق إلى غرفة العمليات فوق السرير النقّال، بينما يتبعها و دموعها تتساقط لا إراديًا، أغلق باب العمليات أمامه و بقي بمكانه ينتظر خروجها، لم يتحرك مطلقًا، حتى خرجت ليست كما دخلت
كانت مُخدّرة الآن، مستنزفة، شاحبة، لا تدري بالدنيا من حولها …
قضت يومان بالمشفى و لم يفارقها خلالهما طرفة عين، رغم إنها شبه فقدت النطق، لم تأبه له و هو يكلمها، و لم تستجيب
لأيّ محاولة منه لإستمالتها
و عاد بها إلى البيت في اليوم الثالث و لا زالت على صمتها، وحده صغيرها الأكبر في أخويه “عبد الرحمن”.. هو من جعلها تتكلم حين جاء و تسلّق الفراش ليجلس بجوارها
كان والده يجلس على مقربة منهما، و جدته تحاول مع أمه لتشرب كأس العصير