تصل “أمينة” في هذه اللحظة و تحول بينهما مبعدة ابنها بحزمٍ و هي تهتف :
-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إيه إللي بيحصل بينكوا ده. استهدي بالله يا سلاف. إهدي يابنتي مش كده مالك بس !!
أخذت “سلاف” تدفع يديّ عمتها صارخة :
-سيبـوووني. أنا هامشي. أنا عايزة امشي من هنا. مش هاستنى في البيت ده دقيقة واحدة …
لم تيأس “أمينة” من محاولات تهدئتها و بقيت تكلّمها بلينٍ :
-يا حبيبتي ده شيطان و دخل بينكوا. إهدي انتي بس. عايزة تروحي فين. ده بيتك و هنا ولادك و جوزك !
هزت “سلاف” رأسها بقوةٍ و قد جرت دموعها الآن بغزارةٍ فوق خدّيها و هي تمضي قائلة بصعوبةٍ :
-لأ ده مش بيتي. و أنا ماليش حد هنا. أنا بقيت لوحدي. مابقاش ليا حد بعد بابا و تيتة حليمة. خلاص ماليش حد !!!
و إنهارت فجأة باكية …
و بطريقةٍ ما وجدت الدموع طريقها لعينيّ “أمينة” و أخذت تبكي معها و هي تمد يديها لتشدّها إلى صدرها بالقوة :
-لأ. اوعي تقولي كده تاني. انتي عدمتي عمتك ؟
أنا أمك و أبوكي و كل حاجة ليكي يا سلاف. انتي مش لوحدك سامعة. مش لوحدك !
جفل “أدهم” و هو يشاهد ما يجري أمامه، احترقت عيناه بالدموع و شعر بالألم يعتصر قلبه، يراها و هي تدفن وجهها في كفّيها، تنقسم أمام عينيه إلى نصفين و لا توجد وسيلة للعودة بها عن كل هذا …
و اقشعرّ خوفًا فجأةً، عندما انتفض كتفاها و هربت صيحات البكاء من فمها و هي تكافح من أجل التنفس، تذكر قنينة الدواء خاصتها، إنها بالأعلى
كاد يتحرّك من مكانه ليصعد و يأتي بها، لولا أن استوقفته صرختها، و لكن هذه المرة صرخة متألمة …
-آاااااااااااااااااااااااااااااااااااه !!!
نظر إليها ملتاعًا، فإذا بها تمسك أسفل معدتها و تتلّوى من الألم، جلل الرعب وجهيّ “أمينة” و “أدهم” و هما يريا النزيف يتسرّب حول ساقيها …
-أطلب الإسعاف بسرعة يا أدهم !!! .. هتفت “أمينة” و هي بالكاد تسند ابنة أخيها
و لكنها سقطت فوق ركبتيها في الأخير من شدة الآلام التي حاقت بها ! ………………………………………………………………
يتبع…
“إن حبك في قلبي لا يعرف النقصان ؛ بل إنه في زيادة فقط.. مهما فعلتِ أحبك !”
_ أدهم
حطت قدمها على أراضي الوطن من جديد، و لا يسعها إلا مقارنة نفسها قبل أن تغادر من هنا و بعد أن وصلت اليوم، إنها حتمًا ليست كما ذهبت، عشرة أيام في إسطنبول مع حبيبها و زوجها “مراد” غيّروا الكثير