بين كلًا من “سلاف” و “عائشة”… نزلت “إيمان” الدرج ممسكة بتنورة الكشكش لفستانها الثلجي الطويل، أكمامه منسدلة إلى جانب طرحة طرحة مطرّزة بالاكسسوارات الفضيّة اللامعة، بالإضافة إلى مكياج دمج بين لوني الزهري الفاتح و الأبيض
الشفاف مِمّ جعله يبدو كسنمائيًا
و تسريحة شعرها الرقيقة، لم تكن أبدًا متكلّفة، كان شعرها الفاحم الغزير ينساب حاكيًا عن طوله المبهر
كانت “إيمان” الآن هي الثانية بعد “مراد” محطًا للأنظار، لدرجة أن أمها حملت المبخرة و ذهبت نحوها مباشرةً تطوف حولها و هي تردد بعض آيات القرآن الكريم مخافةً عليها من الحسد …
تلقّفتها النساء فور وصولها إلى ساحتهم الخاصة، و خالتها “رباب” التي بدت ممتعضة قليلًا، جاملتها بابتسامة رقيقة و عانقتها لفترةٍ وجيزة، ثم قدّمت لها جدة “مراد” لأبيه :
-ماما نزلي يا إيمان. تبقى جدة مراد والدة محمود جوزي !
نظرت “إيمان” إلى السيدة الهرِمة، كانت تجلس منكمشة فوق كرسي متحرّك، ربما يُقدر عمرها بالنظر إليها إلى الستون نحو
السبعون، ابتسمت لها “إيمان” رغم التوتر الذي يجيش بأعماقها و أطرافها الباردة
سلّمت عليها بدفٍ و موّدة :
-إزي حضرتك !؟
رمقتها العجوز بنظرةٍ فاحصة مبهمةٍ و هي تقول آمرة :
-قوليلي ماما نازلي !
أجفلت “إيمان” و أطاعت أمرها تلقائيًا :
-ماما نازلي !!
و لم تتسنّى لها فرصة أخرى، ارتعدت فرائصها باللحظة التالية، عندما صدح صوت المأذون عبر المكبرات يفتتح عقد القران ببعض الوعظ وذكر أفضال الزواج و التعفف به.. ذات السيناريو الذي خاضته لمرتان من قبل …