-آلو !
أتى صوت أمه متلهفًا مذعورًا في الحال :
-مراد ! في ايه يابني. ايه الحصل عندك ده. قول لي السمعناه ده صحيح ؟ انت طلّقت هالة !!؟؟
طرحت أسئلة كثيرة و هو ليس له بالٌ ليجاوب على كل ذلك، فقال بصوتٍ عكس كل الغضب و الخيّبات الأليمة بصدره :
-ماما.. من فضلك. الموضوع ده انتهى. سامعاني ؟ انتهى و مش عاوز أتكلم فيه أبدًا.
-طيب بس فهمني يا حبيبي. حصل إيه.. ما انا لازم أفهم يا مراد ماتسبنيش كده. أنا و باباك و جدتك هنا ميتين من القلق !!
ابتسم نصف ابتسامة و هو يقول هازئًا :
-كلّمي البلّغوكي هما يفهموكي كل حاجة …
و قبل أن تنطق مجددًا قاطعها بصرامة :
-بصي يا ماما ماتقلقيش عليا. أنا كويس. رديت عليكي بس عشان تطمني. لكن أنا محتاج أبقى لوحدي شوية.. أرجوكي !
و أغلق الخط باللحظة التالية …
سحب نفسًا عميقًا عبر فتحتيّ أنفه، و زفره ببطءٍ من فمه.. اللعنة !!
لا يستطيع أن يطردها من عقله مهما فعل، إنه يحبها، لا زال يحبها و هذا ما يؤلمه، منذ أن تعلّق بها قبل الزواج حوّلته إلى عاشق و هو الذي ما كان ليفقه ذلك المعنى لولاها، صحيح أنها أعيته و لم يفهم شخصيتها يومًا، لكن هذا بالضبط ما أوقعه في شِباكها، غموضها، كبريائها الارستقراطي، و رقتها المفرطة، لدرجة أنه كان يحبها بحذر و يعاملها و يحاورها برفقٍ شديد
للأسف.. لقد ترك لها نفسه و سقط في غرامها إلى حد جعله يبدو ليس لها فقط، بل للجميع بلا شخصية، و لكن ماذا كان
جزاؤه بالنهاية !؟
خانته
طعنت رجولته بمنتهى القسوة
تململ “مراد” بمكانه بعصبية لا تخلو من الغضب، حاول جاهدًا أن يعود إلى رشده لكي يستطع تدبير أموره، لا يمكن ينتهي كل شيء بهذه السهولة …
و لكن ماذا عليه أن يفعل ؟ و إلى أين يذهب الآن ؟ ليس له في هذه المدينة سوى صديقه الوحيد.. و الذي توضح تمامًا بأن علاقته به قد دُمرت.. فأين يُفترض أن يذهب !؟