جلجلت الضحكات المعابثة و ضجت بالغرفة، لتأتي “سلاف” و تضم صوتها للحديث بصوتها الناعم :
-لأ ماتقلقيش من الناحية دي يا حلا.. فرحتنا هاتّم إن شاء الله. و مافيش أفلام هندي هاتحصل ..
و نظرت بعينيّ “إيمان” عبر المرآة تلك النظيرة المريبة مؤخرًا، ارتجفت “إيمان” من داخلها بينما تسمع صوت “سلاف” :
-يلا يا عروسة قومي عشان نلبّسك الفستان. زمان المأذون على وصول !
توشك أن تبكي، تنظر إليها بخوفٍ و تشعر بغصّة في حلقها، لكنها لا تقوَ على النطق، و لكي لا تلفت الإنتباه، تستنشق نفسًا عميقًا و هي تومئ يرأسها مرتين، تنهض واقفة و تخلع روبها القصير، تتلقّفها أذرع الفتيات و بدورها تسلّم نفسها لهن مسلوبة الإرادة …
*****
إنفتح الصالون الكبير على الشرفة الرئيسية الفسيحة، فصنع ذلك تيارٌ من الهواء العليل أخذ يعبث بالأزهار المتدليّة من السقف ناشرًا نسمات عطرة و منعشة، كانت الشقة أكثر إكتظاظًا الآن، و قد اقتصر الحضور على الأقارب فقط و بعض الجيران من السيدات و الفتيات ؛
في الجهة الأخرى من الشقة جلس الرجال يتوّسطهم ذو المهابة و الوقار الدكتور “أدهم عمران”.. على يمينه جلس “مراد”
واجمًا متشحًا بالسواد في كلا القميص الضيق حول جزعه و سرواله الكلاسيكي، و شماله جلس “مالك” متهلل الأسارير مزدانًا بحلّته باللونين الأبيض و الأسود، كان لا يكف عن طرح الدعابات و النكات التي يضج لها المجلس بالضحك ما عدا “أدهم” لم يكن مسرورًا أصلًا بما يحدث، كان الأخير يشيع المرح كشيمته منذ اشتداد عوده و مطلع شبابه
و لعل ذلك أكثر ما أضرم بصدر “مراد” نيران الغيّرة أكثر، ليس لأنه محبوبًا من قبل الجميع، و لكن لسببٍ آخر تمامًا.. فذاك الولد اليافع الذي يسبقه هو بأشواط من العمر الخبرة و حتى الغراميات، في الحقيقة أنه لن يبذل مجهودًا كثيرًا حتى تقع “إيمان” بغرامه !
لو قضت معه بعض الوقت سوف يُنسيها حتى اسمها، بمجرد النظر إليه تتأكد تلك الحقيقة، و هذا يمزّقه و يشعل في قلبه