تستغل “إيمان” لحظة الصمت بينهما بعد ما قاله لتنظر إليه مليًا، و لكن بمجرد أن قام واقفًا فجأة و أجفلها، لم تستطع إلا أن تلاحظ ثلاثة أشياء بينما تتوقف رئتاها عن آداء وظيفتاها …
– جسده نقص بعض الوزن رغم أنه لم يكن سمينًا أبدًا في حياته، و أيضًا اكتسب ضخامةٍ في كلا ذراعيه و منكابيه مِمّ يفسر حتمية عودته لهوايته القديمة، و الوسيلة الوحيدة التي يتبّعها للتنفيس عن الضغوط المتراكمة.. “ارتياد صالة الألعاب الرياضية”
– شعره يبدو طويلًا بقليل عن آخر مرة رأته، كان أيضًا كأنه لم يُمشّطه اليوم، و كذا لحيته التي اعتادت عليها نامية مؤخرًا.. إنها حليقة الآن
– يرتدي جينز و كنزة بيضاء احتضنت جزعه بقوة
آخر شيء أحسّت به و هي تتأمله هكذا، بل كانت متأكدة بأن حرارتها قد إرتفعت، جدًا، فالنموذج الذي تراه هو نفسه الذي يعود لحبيبها بين فترتي المراهقة و الشباب، كان و كأنه قد خرج للتو من الماضي لدرجة أن دوّرًا بدأ يداهمها
لولا أن انتبهت لإنقطاع الأكسجين عن رئتيها، شهقت بقوةٍ مفاجئة بددتها مسرعة و هي تباغته قائلة باقتضابٍ و متعمّدة تجاهل ما قاله سلفًا :
-مافيش حد هنا في البيت. وجودك مش مرحب بيه يا مراد. إتفضل إمشي لو سمحت !
تظهر أسنانه البيضاء وراء إلتواء ابتسامته المغريّة و هو يرد عليها بتهكمٍ :
-أنا عارف إن مافيش حد في البيت. كلّمت أدهم و عرفت إنه بيدي محاضرة في الجامعة. و إن خالتي و سلاف راحوا يطعموا الولاد.. ماجبش سيرتك. ف عرفت إنك لوحدك !
إبتلعت ريقها بصعوبةٍ و هي تحدق فيه، لا يخف عنها الطريقة التي نطق و نظر إليها بها خلال تلك اللحظات، هل ظنّت بالأيام