لو أنها لم تستفزّه من جديد، جعلت المشهد يتكرر أمام عينيه ثانيةً و يصيح :
-ماتخلّنيش أغضب ربنا أكتر من كده و اسكتي يا أمـــي. إنتي كمان جرى لك إيه. فجأة الحدود عندك بقت مباحة. و فاتحة له البيت و أنا مش موجود. معاده ماكنش الساعة دي و لولا رجعت بدري و شوفت إللي حصل كان مر مرور الكرام.. الله يسامحك. الله يسامحك !
و قد كان عصبيًا و يلهج من شدة الغضب و قد احتقن وجهه بالدماء، لدرجة أن أمه خافت عليه كثيرًا، تراجعت عن كل ملامتها عليه و أخذت تربت على صدره الخافق بقوةٍ متوسلةً إيّاه :
-طيب خلاص. خلاص يا أدهم حقك عليا. أنا غلطانة يابني.. إهدا يا حبيبي و أنا هاعمل إللي يرضيك. قولي عايز إيه يتعمل و هاعمله …
أدهم بتأزمٍ : أنا مش عايز حاجة. انتوا لأول مرة خذلتوني. أنا مش مصدق إن إنتي أمي. و لا دي أختي.. إنتوا مين !؟؟
بذلت “أمينة” جهدًا أكثر في مراضاته :
-إللي تشوفه. لو مش عايز الجوازة دي تتم مش هاتم. بس ماضايقش نفسك كده
أدهم بصرامةٍ : و مش هاتّم أصلًا. أنا الغلطان إني طاوعتكم في لعب العيال ده !!
و هنا هبت “إيمان” واقفة، ثم قالت و الدموع تجري فوق خديها :
-مش انت إللي تقرر يا أدهم.. الجواز هايتم !
حملق “أدهم” فيها مشدوهًا، لتكمل ماسحة دموعها بكمّها بقوةٍ :
-انت كان عندك حق لما كنت بتقول إني لسا صغيرة و محتاجة لراجل في حياتي. و الراجل إللي أنا اختارته هو مالك.. أنا عاوزة مالك
ارتفعت يداه مبعدًا أمه عن طريقه بحزمٍ، مضى صوب أخته و هو يتساءل عابسًا بشدة :